سورة آل عمران
تنزيل الكتب السماوية،وإنذار الكافرين من عذاب الله
المحكم والمتشابه في القرآن
عاقبة الكفار المغرورين بالأولاد والأموال
اغترار الناس بشهوات الدنيا
الجنات خير من الدنيا وما فيها
الشهادة بوحدانية الله وقيامه بالعدل ، والدين المقبول عند الله
جزاء الذين يكفرون ويقتلون بغير سبب
إعراض أهل الكتاب عن حكم الله تعالى
دلائل قدرة الله وعظمته وتصرفه في خلقه والتفويض إليه
موالاة الكافرين والتحذير من الآخرة
محبة الله تكون باتِّباع رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعته
اصطفاء الأنبياء وقصة نذر امرأة عمران ما في بطنها لعبادة الله تعالى
قصة زكريا ويحيى
قصة زكريا عليه السلام
قصة مريم
قصة عيسى عليه السلام
حال عيسى مع قومه المؤمنين والكفار
الرَّدُّ على مَن زعم ألوهية عيسى عليه السلام
الدعوة إلى توحيد الله وبيان مِلَّة إبراهيم عليه السلام
كشف نوايا وأفعال بعض أهل الكتاب
الأمانة والوفاء عند بعض أهل الكتاب
شناعة أفعال بعض اليهود
افتراء أهل الكتاب على الأنبياء
بيان ميثاق الأنبياء
الإيمان بالأنبياء جميعاً
أنواع الكفار وحالهم في التوبة
النفقة المبرورة وجزاء الإنفاق
الردّ على اليهود في تحريم بعض الأطعمة
منزلة الكعبة المشرَّفة وفرضية الحجّ
إصرار أهل الكتاب على الكفر وصدهم عن سبيل الله
الحفاظ على الشخصية الإسلامية باتِّباع هدي الإسلام
فلاح الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وهلاك المتفرِّقين
بيان خيرية الأمة الإسلامية وسوء اليهود
صفة بعض أهل الكتاب وثوابهم
العمل بلا إيمان غير مقبول عند الله
النهي عن إطلاع الكافرين على الأسرار وبيان ما يضمرونه للمؤمنين
وصف غزوة أُحُد
إرشاد المؤمنين إلى ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم
الأمر بالمسارعة إلى مغفرة الله ، وصفات المتقين وجزاؤهم
تعليم وتوسية للمؤمنين بعد غزوة أُحُد
عتاب لبعض أهل أُحُد وتوجيههم نحو الأكمل
التحذير من طاعة الكافرين
أسباب هزيمة أُحُد
تحذير المؤمنين من تثبيط الكافرين وبيان فضل الجهاد
رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ووعدُ الله بالنصر
أمانة النبي صلى الله عليه وسلم وإصلاحه للأمة
بعض أخطاء المؤمنين في أُحُد، وبعض قبائح المنافقين
منزلة المجاهدين في سبيل الله عند الله، وصفاتهم في الدنيا
مواساة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أُحُد، ومناقشة الكفار والبخلاء، وتمييز الخبيث من الطيب
بعض قبائح اليهود من نسبة الفقر إلى الله تعالى وتكذيبهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم
الموت مصير كل نفس، والجزاء يوم القيامة ، والدنيا هي دار الابتلاء
أَخْذُ الميثاق على أهل الكتاب ومحبتهم المدح بغير حق
توجيه العقول إلى التفكر في السماوات والأرض ، وبيان جزاء العاملين لله تعالى
جزاء الكافرين والأتقياء ومؤمني أهل الكتاب
بَين يَدَيْ السُّورَة
سورة آل عمران من السور المدنيّة الطويلة، وقد اشتملت هذه السورة الكريمة على ركنين هامين من أركان الدين: الأول: ركن العقيدة وإِقامة الأدلة والبراهين على وحدانية الله جل وعلا الثاني: التشريع وبخاصة فيما يتعلق بالمغازي والجهاد في سبيل الله .. أما الأول فقد جاءت الآيات الكريمة لإِثبات الوحدانية، والنبوة، وإِثبات صدق القرآن، والرد على الشبهات التي يثيرها أهل الكتاب حول الإِسلام والقرآن وأمر محمد عليه الصلاة والسلام.
وإِذا كانت سورة البقرة قد تناولت الحديث عن الزمرة الأولى من أهل الكتاب وهم "اليهود" وأظهرت حقيقتهم وكشفت عن نواياهم وخباياهم، وما انطوت عليه نفوسهم من خبث ومكرٍ، فإِن سورة آل عمران قد تناولت الزمرة الثانية من أهل الكتاب وهم "النصارى" الذين جادلوا في شأن المسيح وزعموا ألوهيته وكذّبوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأنكروا القرآن، وقد تناول الحديث عنهم ما يقرب من نصف السورة الكريمة، وكان فيها الرد على الشبهات التي أثاروها بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة، وبخاصة فيما يتعلق بشأن مريم وعيسى عليه السلام، وجاء ضمن هذا الرد الحاسم بعض الإِشارات والتقريعات لليهود، والتحذير للمسلمين من كيد ودسائس أهل الكتاب، أما الركن الثاني فقد تناول الحديث عن بعض الأحكام الشرعية كفرضية الحج والجهاد وأمور الربا وحكم مانع الزكاة، وقد جاء الحديث بالإِسهاب عن الغزوات كغزوة بدر، وغزوة أحد والدروس التي تلقاها المؤمنون من تلك الغزوات، فقد انتصروا في بدر، وهزموا في أُحد بسبب عصيانهم لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وسمعوا بعد الهزيمة من الكفار والمنافقين كثيراً من كلمات الشماتة والتخذيل، فأرشدهم تعالى إِلى الحكمة من ذلك الدرس، وهي أن الله يريد تطهير صفوف المؤمنين من أرباب القلوب الفاسدة، ليميز بين الخبيث والطيب.
كما تحدثت الآيات الكريمة بالتفصيل عن النفاق والمنافقين وموقفهم من تثبط همم المؤمنين، ثم ختمت بالتفكر والتدبر في ملكوت السماوات والأرض وما فيهما من إِتقانٍ وإِبداع، وعجائب وأسرار تدل على وجودِ الخالق الحكيم، وقد ختمت بذكر الجهاد والمجاهدين في تلك الوصية الفذّة الجامعة، التي بها يتحقق الخير، ويعظم النصر، ويتم الفلاح والنجاح {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامنوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
فضـــلهَا:
عن النواس بن سمعان قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يُؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به، تقْدمهم سورة البقرة وآل عمران).
التســـميَـــة:
سميت السورة بـ "آل عمران" لورود ذكر قصة تلك الأسرة الفاضلة "آل عمران" والد مريم أم عيسى عليه السلام، وما تجلّى فيها من مظاهر القدرة الإِلهية بولادة مريم البتول وابنها عيسى عليهما السلام.
تنزيل الكتب السماوية،وإنذار الكافرين من عذاب الله
{الَمَ(1)اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ(2)نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ(3)مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ(4)إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ(5)هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(6)}
سَبَبُ النّزول:
نزلت هذه الآيات في وفد نصارى نجران وكانوا ستين راكباً، فيهم أربعة عشر من أشرافهم ثلاثة منهم أكابرهم "عبد المسيح" أميرهم و "الأيهم" مشيرهم و"أبو حارثة بن علقمة" حبرُهم، فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم منهم أولئك الثلاثة معه فقالوا تارةً عيسى هو "الله" لأنه كان يحيي الموتى، وتارةً هو "ابن الله" إِذ لم يكن له أب، وتارة إِنه "ثالث ثلاثة" لقوله تعالى "فعلنا وقلنا" ولو كان واحداً لقال "فعلتُ وقلتُ" .
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ألستم تعلمون أن ربنا حيٌّ لا يموت وأن عيسى يموت"!! قالوا: بلى، قال ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إِلا ويشبه أباه!! قالوا بلى، قال ألستم تعلمون أن ربنا قائم على كل شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه فهل يملك عيسى شيئاً من ذلك؟ قالوا: لا، قال ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، فهل يعلم عيسى شيئاً من ذلك إِلا ما علم؟ قالوا: لا، قال ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث وأن عيسى كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث!! قالوا بلى فقال صلى الله عليه وسلم فكيف يكون كما زعمتم؟ فسكتوا وأبوا إِلا الجحود فأنزل الله من أول السورة إِلى نيفٍ وثمانين آية.
{الَمَ} إِشارة إِلى إِعجاز القرآن وأنه منظوم من أمثال هذه الحروف الهجائية وقد تقدّم في أول البقرة {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} أي لا ربَّ سواه ولا معبود بحقٍ غيره {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} أي الباقي الدائم الذي لا يموت، القائم على تدبير شؤون عباده {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} أي نزّل عليك يا محمد القرآن بالحجج والبراهين القاطعة {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} أي من الكتب المنزّلة قبله المطابقة لما جاء به القرآن .
{وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ} أي أنزل الكتابين العظيمين "التوراة" و"الإِنجيل" من قبل إِنزال هذا القرآن هداية لبني إِسرائيل {وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} أي جنس الكتب السماوية لأنها تفرق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وقيل: المراد بالفرقان القرآنُ وكرّر تعظيماً لشأنه {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} أي جحدوا بها وأنكروها وردّوها بالباطل {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} أي عظيم أليم في الآخرة {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} أي غالب على أمره لا يُغلب، منتقم ممن عصاه .
{إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} أي لا يغيب ولا يغرب عن علمه أمرٌ من الأمور، فهو مطَّلع على كل ما في الكون لا تخفى عليه خافية {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} أي يخلقكم في أرحام أمهاتكم كما يشاء من ذكرٍ وأنثى، وحَسن وقبيح {لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أي لا ربّ سواه، متفردٌ بالوحدانية والألوهية، العزيز في ملكه الحكيم في صنعه، وفي الآية ردٌّ على النصارى حيث ادعوا ألوهية عيسى فنبّه تعالى بكونه مصوّراً في الرحم، وأنه لا يعلم الغيب على أنه عبد كغيره من العباد.
أرجو الردود و التقييم!!!