امتـحانات بـلا قـلق...
يصاحب
فترة الامتحانات التحصيلية المدرسية بعض أعراض القلق وليس ذلك لدى الطلاب فحسب،
وإنما لدى أسرهم أيضا ، ويُعرَّف القلق لغة بأنه الحركة والاضطراب. وقلق الامتحان
حالة نفسية تتصف بالخوف والتوقع أي أنه حالة انفعالية تعتري بعض الطلاب قبل وأثناء
الامتحانات مصحوبة بتوتر وتحفز وحدة انفعال وانشغالات عقلية سالبة تتداخل مع
التركيز المطلوب أثناء الامتحان ممّا يؤثّر سلبا على المهام العقلية في موقف
الامتحان. ويعود سببها إلى أن الطالب يدرك موقف التقييم ( الامتحان ) على أنّه
موقف تهديد للشخصية.أما القلق الذي يعتري غالبية الطلاب قبل وأثناء الامتحانات فهو
أمر طبيعي، و سلوك عرضي مألوف ما دام في درجاته المقبولة ويعد دافعا إيجابيا وهو
مطلوب لتحقيق الدافعية نحو الإنجاز المثمر .أما إذا أخذ أعراضا غير طبيعية كعدم
النوم المتصل وفقدان الشهية للطعام وعدم التركيز الذهني ، وتسلط بعض الأفكار
الوسواسية ،وبعض الاضطرابات الانفعالية والجسمية فهذه هي حالة قلق الامتحان التي
نحن بصدد الحديث عنها والتأكيد على سبل الوقاية منها وعلاجها، مع توظيف وتوجيه
القلق الدافع ( الإيجابي) توظيفا إرشاديا يؤدي إلى مزيد من الإنتاجية لجميع الطلاب
في بيئة آمنة. وذلك انطلاقا من القانون السيكولوجي المسمى قانون بركس - دادسون
والذي ينص على أنه : كلما زاد القلق( القلق الطبيعي) زاد مستوى التركيز والأداء
وكلما وصل القلق إلى مستوى القلق المرضي كلما أدى ذلك إلى تناقص التركيز
وسنحاول في السطور
الآتية إيجاد أفضل الطرق الإرشادية للتعامل مع حالات قلق الامتحان التي تعتري بعض
الطلاب، مع تعزيز الجانب الوقائي ضد القلق لجميع الطلاب في مدارسنا بشكل عام
:أولاً :أعراض الحالة
التوتر والأرق وفقدان
الشهية ،وتسلط بعض الأفكار الوسواسية الملِحَّة قبيل وأثناء ليالي الامتحان *
الشعور بالضيق النفسي
الشديد قبل وأثناء تأدية الامتحان *
تسارع خفقان القلب
قبل وأثناء الامتحان مع جفاف الحلق والشفتين وسرعة التنفّس وتصبّب العرق وارتعاش
اليدين وعدم التركيز ،وبرودة الأطراف، وألم البطن، والغثيان ، وكثرة التبول *
كثرة التفكير في
الامتحان، والانشغال قبل وأثناء الامتحان في النتائج المرتقبة ( الانشغال العقلي
في الامتحان، ونتائجه المتوقّعة *
وهذه الأعراض
والسلوكيات الفسيولوجية والانفعالية والعقلية تربك الطالب وتعيقه عن المهام
الضرورية للأداء الجيد في الامتحان لكونها مرتبطة بوسيلة التقييم ( الامتحان )
ومقرونة بالرهبة والخوف، وقد تكون معززة من قبل الأسرة والمدرسة باعتبار أن نتيجة
الامتحان ستؤدّي إلى مواقف مصيرية في مستقبل الطالب
:ثانيا :العوامل المساعدة على ظهور أعراض الحالة
الشخصية القلقة: هذه
الشخصية عرضة لقلق الامتحان أكثر من غيرها لأنها تحمل سمة القلق، فمن المرجّح أن
يزيد قلق الامتحان لديها كموقف أكثر من غيرها *
عدم استعداد الطالب
للامتحان(بعدم الاستذكار الجيد، وبعدم التهيؤ النفسي ،وبعدم تهيئة الظروف والبيئة
المنزلية..الخ *
الأفكار والتصورات
الخاطئة عن الامتحان وما يترتّب عليها من نتائج *
طريقة الامتحانات
وإجراءاتها ونظمها، وربطها بأساليب تبعث على الرهبة والخوف *
* تعزيز الخوف من
الامتحانات من قبل الأسرة وفق أساليب التنشئة التقليدية والتي تستخدم العقاب مما
يؤدي إلى خوف الطالب من النتائج السيئة *
أهمية التفوق الدراسي
للطلاب، وخاصة لذوي الحساسية منهم. بالإضافة إلى ضغط الأسرة الزائد على الطالب
لتحقيق ذلك *
ما يبثّه بعض
المعلمين من خوف في أنفس الطلاب من الامتحانات، واستخدامها كوسيلة للعقاب في بعض
الأحيان *
مواقف التقويم
ذاتها.إذ أن الإنسان إذا شعر أنه موضع تقويم واختبار فإن مستوى القلق سيرتفع لديه *
التعلّم الاجتماعي من
الآخرين: حيث أن الطالب قد يكتسب سلوك قلق الامتحان ، تقليدا ومحاكاة لنموذج
القلقين من الطلاب وخاصة المؤثرين منهم *
ثالثاً : الأساليب الإرشادية بشكل عام
يمكن للمرشد الطلابي
اكتشاف حالات قلق الامتحانات من ملاحظاته وسجلاته ومقابلاته للطلاب،ومن إفادة
المعلمين والآباء، ومن تطبيق بعض المقاييس المقننة على البيئة السعودية(بعد إجازة
تطبيقيها من الجهة التربوية المسؤولة المختصة ) ويسعى إلى اكتشاف الطلاب ذوي
الشخصيات القلقة(التي تحمل سمة القلق) ويركز إرشاده عليها بشكل خاص منذ وقت مبكر
:وفي سبيل العلاج
والوقاية من قلق الامتحان يمكن للمرشد الطلابي استخدام الأساليب الإرشادية الآتية
توجيه وتعويد الطلاب
إلى ترديد الأدعية والأذكار المناسبة وتلاوة القرآن الكريم وأداء الصلاة في
أوقاتها لما في ذلك من طمأنينة للنفس في كل الأوقات *
تدعيم ثقة الطلاب
بأنفسهم، والوقوف منذ وقت مبكر على ميولهم وقدراتهم ، وتوجيه طموحهم ليتوافق مع
قدراتهم في اختيار التخصصات الدراسية المناسبة لكل منهم *
* توجيه وإرشاد الطلاب
إلى طرق الاستذكار الجيد منذ بداية العام الدراسي والتذكير بأن عملية التحصيل
عملية تراكمية تتطلب استذكارا مستمرا دون تأجيل، مع التأكيد على أسر الطلاب
بمساعدتهم على تطبيق ذلك منزليا . ونظرا لأن للاستذكار الجيد دورا في تخفيف توتر
وقلق الطلاب فيمكن توضيح طريقة (تتاسر) في الاستذكار والتي تعني( تصفح ، تساءل ،
اقرأ ، سمِّع ، راجع ). :وذلك على النحو التالي
تصفح : أي تصفح فصل
الكتاب بقراءة عنوانه الرئيس والعناوين الفرعية وإلقاء نظرة على الرسومات
التوضيحية والخرائط ..الخ -
تساءل : اسأل نفسك،
ماذا تعرف عن هذه المادة ؟ ثم حول اسم وعناوين الفصل إلى تساؤلات -
اقرأ : ابدأ القراءة
وابحث عن إجابات لتساؤلاتك وكذا أسئلة نهاية كل فصل من الكتاب مع التركيز على
المقاطع الهامة، ثم عاود قراءة العناوين واستعراض الصور ثم أعد قراءة الأجزاء التي
لم تفهمها مع مراجعة كل جزء قبل الانتقال إلى جزء آخر -
اسمِّع : انطق بصوت
مسموع عند قراءة ما سبق أن لخصته من النقاط الهامة بأسلوبك لترسيخ تلك المعلومات
في الذاكرة ، وكلما وظفت الرؤية والاستماع معا كلما حصلت على تعلم أفضل -
راجع : أي راجع بشكل
مستمر كل فصل بعد قراءته وراجع إجابات أسئلة النقاط المهمة، ثم حاول الإجابة عن
تلك الأسئلة بعد إغلاق الكتاب والدفتر الخاص بالمادة مع الترديد الشفهي لتلك
الأسئلة وإجاباتها ، ثم أعد قراءة ما صعب عليك إجابته ، ثم اختبر نفسك شفهيا أو
تحريريا واربط بين مواضيع المادة في شكل خريطة دراسية تضمن لك تجمع المعلومات مما
يساعدك على تخفيف ضغط الاستذكار عليك قبل الامتحان -
* اتّخاذ الإجراءات
الإرشادية المناسبة للمشكلات المرتبطة بحالات قلق الامتحان ، وبتدنّي مستوى
التحصيل الدراسي منذ وقت مبكر من العام الدراسي *
* التحصين المنظّم
(التخلص التدريجي ) من الحساسية ، ويتمّ ذلك بتقديم المثيرات التي تسبّب القلق في
شكل متدرّج يبدأ بالمواقف الأقل إثارة للقلق وصولا إلى المثير الحقيقي للحالة
الشديدة للقلق(مدرج القلق) وهذا يتم بالطبع بعد جمع البيانات الدقيقة ضمن دراسة
الحالة عن مخاوف الطالب التي تثير لديه القلق ، وفي قلق الامتحان يتم تعريض الطالب
القَلِق لمواقف متعددة من الامتحان بصورة تدريجية تحت إشراف المرشد حتّى تخف درجة
القلق الناتجة عن الامتحان (والتقويم المستمر المتضمن بعض الامتحانات العرَضِيّة
يساعد على ذلك ) .ويمكن للمرشد أن يدرب ويشجع الطالب على التحصين التصوري ضد القلق
بأن يعيش المواقف المثيرة للقلق تدريجيا في خياله *
توظيف النموذج (
القدوة الحسنة ) وذلك بعرض أفلام أو مواقف حية يشاهد الطالب خلالها كيف يتصرّف
الطلاب الآخرون في موقف الامتحان بشكل طبيعي *
* تدريب جميع الطلاب
على كيفية أداء الامتحانات، وتشجيع المعلمين على تأكيد ذلك، وتوجيه الملاحظين منهم
إلى اتخاذ أساليب الملاحظة المناسبة داخل قاعات الامتحانات وعدم إثارة الخوف بين
الطلاب، وتعزيز عدم القلق من الامتحانات ( التعزيز الموجب ). وأن الامتحان ما هو
إلا وسيلة لقياس المستوى التحصيلي وليس غاية في حد ذاته *
تدريب الطلاب على
تركيز انتباههم على موقف الامتحان *
تدريب جميع طلاب
المدرسة على الطريقة السليمة للتنفّس لتطبيقها بشكل أكبر قبيل الامتحان حيث أنها تساعد
على تخفيف التوتر *
* تدريب الطلاب ( الذين
يعانون حالات قلق الامتحان بشكل خاص وظهرت عليهم أعراض الحالة ) على الاسترخاء
العميق منذ وقت مبكر من دراسة الحالة. والاسترخاء يعني عكس حالة التوتر والغضب
والضغط النفسي، بمعنى التحول من هذه الحالة إلى حالة الهدوء والسكينة أي أنه وسيلة
طبيعية لتهدئة النفس المضطربة .وبما أن التوتر وعدم الاستقرار أبرز أعراض القلق
وهما سلوك متعلم ( مكتسب في الغالب) فإن الاسترخاء يؤدي إلى استجابة معاكسة مما
يعني أهميته في تخفيف ذلك السلوك .
والاسترخاء العميق ذو
شقين (عقلي نفسي) ، وعضلي *
:العقلي النفسي
يعتمد على التخيل
الإيحائي ، حيث يتدرب المسترشد بمساعدة المرشد على تخيل صور عقلية جميلة مريحة
ومتحركة ( يكون لها ارتباط بالامتحان ) تحول دون سيطرة الأفكار المثيرة للقلق وتمنع استجابته
:العضلي
عبارة عن تمرينات
تشبه التدريبات الرياضية البدنية حيث يملي المرشد على المسترشد تعليمات الاسترخاء
بصوت هادئ، مبتدءاً بطلب الاستلقاء على الظهر وإغماض العينين في مكان مريح ثم يبدأ
بتنفس عميق ، ثم إرخاء مجموعة صغيرة من العضلات من الجسم( تبدأ من أصابع اليد )
ويكون أثناء ذلك مركزا انتباهه على فكرة معينة ذات دلالة مساندة للغرض العلاجي حتى
يتم ارتخاء ذلك الجزء وهكذا بقية أجزاء الجسم حتى يتم الاسترخاء الكامل لكل الجسم .
إن الاسترخاء العميق
بشقيه العقلي النفسي والعضلي يخفف القلق ويبعث النشاط والحيوية وتعلّم السيطرة على
عملية التنفس للاحتفاظ بالطاقة اللازمة والضرورية لأجسام وعقول طلابنا .