السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وددت اليوم أن أضع بين أيديكم الكريمة سبب توبة العارف بالله مالك بن دينار رحمه الله
وأقتبست الحوار من سلسلة منهج التائبين فألى هناك . ( مما وردفي الأثر)...بسمالله الرحمن الرحيم المذيع: بسم الله، والحمد لله، وأفضل الصلاة وأتمالتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الإخوة المستمعون، السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته، نحييكم في مستهل هذا اللقاء من برنامج منهج التائبين، أرحب بفضيلة الشيخالدكتور محمد راتب النابلسي أحد أبرز علماء دمشق ودعاتها، أهلاً ومرحباً بكم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الأستاذ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المذيع: في ختام هذه السلسلة من الحوارات حول التوبةوالتائبين، هل لنا من قصة لأحد التائبين العارفين بالله، ومن ثم نتحدث عن ثمراتالتوبة، وعن فضل الجهر بالتوبة، والإنابة إلى الله تبارك وتعالى. الأستاذ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. الحقيقة أنك إذا دخلت إلى أحد المساجد، ورأيتالمسجد ممتلئاً بالمصليين المنيبين، أنا أقول لك: أن تسعين بالمئة من هؤلاء ساقهمالله إلى بابه عن طريق تأديب أو مصيبة، لأن هذه المصائب سماها الله نعم باطلة، قالتعالى:﴿وَأَسْبَغَعَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾(سورةلقمان) ولولا أن الله يريد أن يتوب علينا، ولولا أنهقال:﴿اللَّهَيُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾(سورةالبقرة) ولولا أنه يفرح بتوبتنا لتفلت الإنسان، ولشقي فيالدنيا والآخرة، حسب ما رغبت أن أروي قصة أحد التابعين الذين أصبحوا من كبارالعارفين، من هؤلاء مالك بن دينار، سُئل مرة عن سبب توبته فقال: كنت شرطياً،ومنهمكاً على شرب الخمر، ثم إنني اشتريت جارية نفيسة وقعت مني أحسن موقع، فولدت ليبنتاً فشغفت بها، فلما دبت على الأرض ازدادت في قلبي حباً، وألفتني، وألفتها، قال:فكنت إذا وضعت الشراب بين يدي جاءت إلي، وجادلتني عليه وهرقته على ثوبي، فلما تملها سنتان ماتت، فأكمدني موتها، وحزنت عليها حزناً كبيراً، فلما كانت ليلة النصفمن شعبان، وكانت ليلة الجمعة، بت ثملاً من الخمر، ولم أصلِّ فيها العشاء، فرأيتفيما يرى النائم كأن القيامة قد قامت، قد نفخ في الصور، وبعثرت القبور، وحشرتالخلائق، وأنا معهم، فسمعت حساً من ورائي، فالتفت فإذا بثعبان عظيم أعظم ما يكون،أزرق اللون، قد فتح فاه مسرعاً نحوي، فمررت بين يديه هارباً فزعاً مهرولاً، فمررتبطريقي بشيخ نقي الثوب، طيب الرائحة، فسلمت عليه، فرد السلام، فقلت: أيها الشيخ،أجرني من هذا الثعبان أجارك الله، فبكى الشيخ، وقال لي: أنا ضعيف، وهذا أقوى مني،وما أقدر عليه، ولكن أسرع، وادع الله عز وجل، فلعل الله ينجيك منه، فوليت هارباًعلى وجهي، فصعدت على شرف من شرف القيامة، فأشرفت على طبقات النيران، فنظرت إلىهولها، وكدت أهوي فيها من فزعي من هذا الثعبان العظيم، فصاح بي صائح: ارجع، فلستمن أهلها، فاطمأننت إلى قوله، فرجعت، ورجع الثعبان يتبعني، فقال الشيخ: إني ضعيف،ولكن سر إلى هذا الجبل، فإن فيه ودائع المسلمين، فإن كان لك فيه وديعة فسوف تنصرك،قال: فنظرت إلى جبل مستدير من فضة، وفيه كوى مخرمة وستور معلقة، على كل كوة وخوخةمصراعان من الذهب الأحمر، مفصلة بالياقوت، على كل مصراع ستر من الحرير، فلما نظرتإلى الجبل ولَّيتُ منه هارباً، والثعبان من ورائي، حتى إذا قربت منه صاح بعضالملائكة، ارفعوا الستور، وافتحوا المصاريع، وأشرفوا، فلعل لهذا البائس فيكم وديعةتجيره من عدوه، فإذا الستور قد رفعت، والمصاريع، قد فتحت فظهر أطفال وجوههمكالأقمار، وقرب الثعبان مني فتحيرت في أمري، فصاح بعض الأطفال: ويحكم أشرفوا كلكم،فقد قرب منه عدوه، فأشرفوا فجاء فوج بعد فوج، فإذا أنا بابنتي التي قد ماتت أشرفتعلي معهم، فلما رأتني بكت، وقالت: أبي والله، ثم وثبت في كفة من نور كرمية السهمحتى مثلت بين يدي، فمدت يدها الشمال إلى يدي اليمنى، فتعلقت بها، ومدت يدها اليمنىإلى الثعبان فولى هارباً، ثم أجلستني، وقعدت في حجري، وضربت بيدها اليمنى إلىلحيتي، وقالت: يا أبت ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ ﴾ فبكيت، وقلت: يا بنية، وأنتم تعرفون القرآن !فقالت: يا أبت نحن أعرف به منكم، قلت: فأخبريني عن الثعبان الذي أراد أن يهلكني،قالت: ذلك هو عملك السوء، قويته، فأراد أن يغرقك في نار جهنم، قلت: فأخبريني عنالشيخ الذي مررت به في طريقي ؟ قالت: يا أبت ذاك عملك الصالح، أضعفته حتى لم يكنله طاقة بعملك السوء، قلت: يا بنية، وما تصنعون في هذا الجبل ؟ قالت: نحن أطفالمسلمين أسكنا فيه إلى أن تقوم الساعة، ننتظركم تقدمون علينا، فنشفع لكم، قال مالك:فانتبهت فزعاً، وأصبحت، وقد فارقت المسكر، وكسرت الآنية، وتبت إلى الله عز وجل،وهذا كان سبب توبتي، أي إن ابنته الصغيرة رمز لعمله الصالح، وإن الشيخ الضعيف رمزلعمله الصالح الذي لم يقوى على مدافعة عمله السيئ، وأن هذا الثعبان العظيم الذيسيهلكه هو عمله السوء. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهقال: ((يا قُييس، إن لك قريناً تدفن معه وهو حي، ويدفن معك وأنت ميت، فإن كان كريماًأكرمك، وإن كان لئيماً أسلمك، قال: ما هو يا رسول الله ؟ قال: هو عملك ))
لذلك الموت يأتي فجأة، والقبر صندوق العمل.
.................................................. ...........
وفي الحوار بقية لكن أقتبست القصة فقط لعدم القنوط من رحمة الله ولوجهه الكريم سبحانه وتعالى .
تحياتي لكم جميعا .