ما ذنب اللوحة الجميلة..عندما ترسمها أنامل العذوبة بألوان من الرقة..فيأتي بعد ذلك من يغتال بهاؤها الرقراق..بشيء من ترف الفجور البارد ..؟
أليس هذا فجور الأدب بمعناه الفضفاض..؟
هل تغير الزمن أم أن البشر هم رمز النسبية في عالم الحب والفضيلة..؟
على من نلقي اللائمة ...؟
أظن أن الزمان برئ من تناقض سلوكيات البشر..حباً وكرهاً..
هل حق للعين البكاء ..؟
لقد شُوهت صورة الجمال.... وأصبحت اللوحة العذراء.. في حلتها البهية .. ونغمتها الحانية ... وعفتها المصانة... فتاةً متمردةً...يكسوها صخب الفجور ...وتعتريها رعشة القبح...ليصبح بعد ذلك كل شئ طاهر تمثالا برجوازياً يتربع في ساحة الجمال...تتهاوى أمامه الفضائل...ليخبرنا أن الزمان غير الزمان...والناس غير الناس ...والحب الصادق تبدل لمعنىً فاجر..
قد تخدعنا لحظة عابرة ..ولهفة زائفة...أو برهة جنون عابرة ...لكن
هكذا تكون كراكيب الأيام....
عندما تبدأ رياح العبث تهب ....وأمواج الزيف تلتطم..
ويظلم فجر البراءة..ويبزغ فجر المجون..
تتهادى الروح الصافية لتبحث عن ملجأ اللطف ومغارة الفضيلة هرباً من القدر الذي يعبث بصفاء الفطرة ونقاء النفس..لتعقد عقدا مع خيوط الزمن البريء...يشكل لها حبل النجاة ... ولو شعورياً...ليظل هو الحلم الذي يداعب بقية خيالها الوضيئ..تعيش في كنفه ...وتستمطر بركات نفحات الحب التي يبعثها عبر الذكرى الجميلة...لتهنأ ولو قليلا ... ولو كان هذا الإستمتاع في مرحلة اللاوعي...
قد يكون ذلك قاسياً على النفس...
أعني الانفصام الكلي عن حياة الحب والفضيلة..
ولكن يبقى أنيساً مؤنساً عندما تضطرنا ظروف الحياة وصروف الزمن وكرور الدهر ...لنقبل هذا الواقع المر..ولو بشيء من التشبث والتوسل علَّنَا نكون مدد الزمن القادم...
أو.....
علَّنا نكونُ الراوي والمُخْبِر أنَّه كان هناك غير ما هو الآن..
علنا نقول أو ننطق بحقيقة وجوديَّةِ الصفاء ...
فلن تنتهي معالم الجمال الروحية والحسية...
مادام هناك من يؤمن بالتبليغ....
ولن تنتهي مغامرة الصدق ما دمنا نؤمن بزيف الأقنعة..
سنعيش ونرفع عقيرتنا بالنضال الأبدي ولو كان في زمن الإنكسار..
هكذا تكون الحياة....
مع خِداع الألوان..
***
تلك اللوحة... لوحة الصفاء ..
باقية هي ما بقي أهلوها .... حتى الرحيل...
باقية هي رغم ضنك محيطها .... و انحسار مدها...
تبقى متميزة ... عندما تبصر المدد....
تبقى برونقها حينما تستلهم الماضي .... لترسم به لوحة الحاضر...
قد يصيبنا الحزن حين نراها ... متلفعةً بنجوى الماضي التليد... ذلك الذي ذهب.... وأبقى جماله على مرسى تلك اللوحة....
***************
وجودية الصفاء .. هي رمز البقاء...ولا بقاء سرمدي...سوى لوجه الجبار جل في علاه...
وجودية الصفاء....هي شاطئ الرحمة من بعثرة النفوس...
وجودية الصفاء...هي النقاء...في زمن الخبث...
وجودية الصفاء .. رمز للوجودية الحقة ..
وجودية الصفاء .. مكنون الحرية المطلقة والمقيدة ..
وجودية الصفاء .. عالم مليء بأهازيج الوجود الحق ..
وجودية الصفاء .. مشاعر النقاء في زمن الغربة بكل أطيافها ..
وجودية الصفاء .. حيث لا شوائب بكل ألوانها ..
لكن رغم الشتات ... هناك .... تخبئ الزوايا خبايا...